رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
التي مازالت تنتظره مرحبة.. اقترب منها يجذبها من فوق الفراش بقوة قد راقتها
لا أنت شكلك جامد يا بيه بس مش مركز
ركضت من أمامه تلتقط حذائها تضم المال الذي ألقاه عليها للتو بعدما أصم صراخه بها أذنيها
تهاوى بجسده على الفراش.. وذكري بعيدة كانت تأخذه للماضي
جالس هو ورفيقة طفولته أمام تلك البحيرة الصغيرة يمضغ عود القصب الذي يفشل في تقشيره فتقوم هي بتلك المهمة بعدما ظلت تمازحه بتلك العبارة التي يمقتها
طبعا ابن الذوات هيعرف يقشر قصب ازاي
أنت هتبقى حلم كل بنت يا سليم.. أنت مش شبههم.. هتكون الأمير اللي هيحب سندريلا ويخلصها من حياتها
والذكريات تعود به لما مضى
جايب لبنت الخدامة فستان.. بتشتري من مصروفك ليها هدية
شايفة ابنك يا صافي.. طالع خايب ازاي.. انا مش عارف مجبنهوش ليه بنت.. ده مش عارف يضرب الولد زميله
كفاية.. كفاية
نهض من على الفراش يزيل عنه قميصه.. وصورة واحدة كانت تسير أمام عينيه
ليه ظهرتي يا فتون.. ليه شوفتك فيها
............
تذرف والدتها دموعها تخبرها كيف أحبت ملك كأبنة لها وكيف خدعها عبدالله.. تلك الجارة التي سألته يوما لما يهتم بها هكذا ليخبرها إنها يتيمة تعيش مقابل شقته وقد أوصته عليها والدته رحمها الله.. تعاطفت معها بل وودتها في بعض الزيارات وفي النهاية كانت هي المغفلة
وعبارة رسلان يتردد صداها داخل أذنيها
لو كنتي أعتبرتيها بنتك بجد عمرك ما كنتي عملتي فيها كده .. أزاي جالك قلب تطرديها.. ياخسارة يا ناهد هانم
حتى رسلان بقى يكرهني وشايفني وحشة.. وكل ده ليه عشان عايزاه يكون جوزك أنت
طالعتها مها پضياع تنظر لملامح والدتها
فين ملك يا ماما فين أختي.. أنت السبب في كل اللي حصل لينا.. أنت السبب
............
فتون يا بنتي.. المشروع خسر وحسن جوزك عايز الفلوس.. عايز يحبس أبوكي يا بنتي.. إترجيه يا بنتي يصبر عليا.. ضحك عليا صاحبي قالي المشروع ده بيكسب.. بقيت مديون يا بنتي
جوزك كان واخد عليا وصل أمانة .. خليه يصبر عليا ده أنا حماه.. في حد بيسجن حماه
حسن يفعلها وهي أكثر الناس دراية به.. إنفطر قلبها على حال والديها.. هاتفتهم حتى تخبرهم بمصابها ولكن حسن وضع أهلها تحت رحمته
انقطع الأتصال.. فعلى ما يبدو أن رصيدها قد نفذ.. طالعت هاتفها والعجز عاد يحتل عينيها
صورة والدها والأصفاد ملتفة حول معصميه وأخواتها يركضون خلفه ېصرخون ووالدتها تفترش الأرض منتحبة.. سقطت دموعها وهي تتخيل المشهد
مين اللي هيساعدك يا فتون.. سليم بيه هو اللي ممكن يساعدني.. انا مستعده اكون خدامة تحت رجليه بس يخلص أهلي من حسن.
يتبع..
بقلم سهام صادق
الفصل الخامس والعشرون
_ بقلم سهام صادق
انتفضت من غفوتها تمسح حبات العرق المتناثرة على جبينها تحاول التقاط أنفاسها الهادرة تنظر حولها كحال اليومين السابقين كلما استيقظت هكذا.
انحدرت دموعها على خديها وشعور الوحدة والخواء يقتحمها
إنها وحيدة هنا بل في الحقيقة هي لقيطة لا تعرف لها عائلة .. لو كانت ناهد أخبرتها إنها يتيمة لكان الأمر أرحم عليها من تلك الكلمة التي لفظتها في وجهها دون رحمة.. وبعد أن توقفت عيناها عن ذرف الدموع عادت دموعها تسيل على خديها كشلال
ناهد رغم ما فعلته بها مازالت تراها والدتها لم تستطيع أن تراها إلا في صورة الأم.. خمسة وعشرون عاما قضتهما وهي لا تعرف أم غيرها مهما كانت درجة حبها إليها وتفرقتها في المعاملة بينها وبين مها وقد فهمت السبب أخيرا ويا له من سبب قټلها.. ليت ناهد عاملتها بأنانية طيلة العمر .. ليتها حرمتها من عاطفتها ليتها فعلت ما أرادت بها و ليت الكثير فعلته دون أن تنكشف تلك الحقيقة البشعة
منعرفش ليك أهل.. أهلك رموكي في الشارع.. لقيتك على الرصيف بټعيطي من الجوع والبرد صعبتي عليا اخدتك اربيكي.. بس في النهاية إيه اللي حصل سړقتي فرحة وسعادة بنتي حرمتيها من الإنسان اللي هي حبيته حرمتيني من إني أجوزها للراجل اللي عيشت عمري أتمناه ليها.. كان لازم تعرفي في يوم من الأيام إنك مش بنتنا وإن ليكي أهل يا عالم يا عايشين ولا ميتين..
كاميليا و عزالدين كانوا رفضينك لرسلان لأنهم عارفين الحقيقة.. محدش هيرضي يجوز أبنه من بنت ملهاش نسب ولا أصل
توالت العبارات على عقلها وكأنها ترفض منحها السلام حتى في سكون الليل.. كتمت صړختها المؤلمة تعض على أناملها تتذكر اللحظة التي ذهبت بها للمشفى كالسارقة تتلفت حولها حتى لا يراها أحدا ووقفت تنظر لذلك الراقد على سرير المشفى تتأمل ملامحه الطيبة تودعه بعينيها تخبر حالها إنها ستظل دائما تحبه فلم تعرف أب غيره
ودعت أحبابها قبل رحيلها.. عبدالله رسلان الذي تمنت داخلها أن ينعم بالسعادة فما ذنبه أن يتزوج فتاة مثلها.
نهضت من على فراشها بعدما شعرت بحاجتها لأستنشاق الهواء.. ومن حسن حظها كانت شرفتها تتمتع بمنظر بديع يريح النفس وبساتين تنعم بالروائح الزكية المنبعثة من أشجار الليمون والياسمين
أسندت ساعديها على حافة الشرفة تتأمل النجوم التي تلمع في عتمة الليل فتغمض عينيها وتهتف باسماء احبابها بشوق
مهما نديتي عليهم عمرهم ما هيسمعوكي..
فتحت عيناها بعدما ارتجف جسدها فزعة من ذلك الصوت القريب.. تنظر نحو صاحب الصوت تضع بيدها على قلبها لتدرك كم هي حمقاء لعدم ملاحظتها بأن شرفتها ملتصقة بشرفته
جسار بيه!
الظاهر عندك أسرار وحكايات كتير يا أستاذة
لفظ عبارته وعاد بأدراجه نحو الداخل.. تعلقت بالمكان الذي كان يقف فيه للتو فأخذ جسدها يرتجف من تلك البرودة التي احتلته
.........
عرفت حاجة عنها يا سليم
اقترب منه سليم وقد ظهرت على ملامحه الإجابه فهوى بجسده على المقعد يسند رأسه بين كفيه
رسلان ملك بكره تظهر هي يمكن بس مصډومة من كل الحقايق اللي عرفتها فحبت تختفي لفترة
ملك مش هتظهر تاني يا رسلان.. ناهد هانم مرحمتهاش.. طردتها.. عارف يعني إيه.. ملك أضعف من إنها تتحمل الحقيقة.. ناهد هانم عيرتها بسنين تربيتها ليها..
اطرق سليم عينيه شفقة على حال تلك المسكينة وعلى حال صديقه ..لم يجد كلام يواسي به صديقه فقرر الصمت
تفتكر تكون راحت فين يا سليم..
واردف وقد أمتلك اليأس قلبه
أستخدمت نفوذ والدي وبرضوه معرفتش مكانها.. هتجنن خلاص..
إحنا مش بندور غير ف حدود القاهره بس.. ما يمكن تكون راحت محافظة تانيه يا رسلان
التمع الأمل في عينيه وهو ينظر نحو صديقه.. إنه استبعد رحيلها بعيدا فهو يعرف ملك عالمها محدود بهم
تفتكر يا سليم..
ملك مصډومة ومچروحه واللي عملته فيها مدام ناهد مش هين.. فأكيد هتدور على مكان بعيد تروحه تهرب فيه من كل الناس اللي تعرفهم
........
ها يا بنتي كلمتي أهلك
هربت بعينيها بعيدا عنه فعن ماذا ستخبره.. حدق بها الجد بعدما تناول كأس الشاي خاصته يرتشف منه القليل ينتظر جوابها الذي طال
وجودك في حياة حفيدي مينفعش يا بنتي.. لو كان ينفع الأول دلوقتي لاء.. هتكوني ست مطلقة ومش بس كده كنتي مرات السواق بتاعه.. الناس كلامها كتير .. لازم ترجعي قريتك وأهلك يعرفوا بدناءة حسن معاكي
لمعت الدموع بعينيها إنها تفهم وتعي الكثير من تفكير المجتمع.. المجتمع الذي لم يرحمها وهي فتاة.. فما الذي يجعل الفتاة ترفض عريس في نظرهم كامل مدام لديه شقة و وظيفة ومهما كان صغر سنها فالمقولات التي توارثت عبر الأجيال مهما كان التقدم مازالت مرسخة في بعض العقول
الجواز ستر للبنت ومسيرها في يوم تتجوز
الأصغر منها بيتجوزوا..
اطرقت عينيها حتى لا تنال شفقة الجد فيكفي ترحيبه بها في بيته حتى اليوم
حاضر يا بيه..قولي أمتي أجمع حاجتي وأمشي من هنا
شعر الجد بالشفقة عليها... شىء داخله يجعله يخشى على حفيده وشىء أخر يجعله مشفقا عليها
خلي والدك يجي ياخدك بنفسه يا فتون.. وبعدين يا بنتي وعدي ووعد حفيدي ليكي زي ما هو.. هنتكفل بكل مصاريفك لحد ما تكملي تعليمك
وكم كانت تفرحها تلك العبارة ولكن ما ينتظرها لن يجعل لها رفاهية نحو أي شىء.. حسن وضع عائلتها تحت رحمته.. عليها أن تجد حلا سريعا فالسيد سليم لن يأتي للمزرعة هذه الأيام كما علمت من الجد صباحا
انصرفت من أمام الجد فأخذ يضرب الأرض بعصاه.. المخاۏف تزداد داخل قلبه وسؤالها الدائم عن حفيده وتلك اللمعة التي يراها في عينيها كلما جاء ذكر اسمه وحديثه الصباحي مع خديجة عبر الهاتف ازاد الأمر فهم لديهم نفس الشكوك
سليم متعاطف مع الخادمة بطريقة غريبة على رجل مثله
يا ترى يا سليم عطفك عليها شفقة زي ما قولتلي ولا عايز تورط نفسك في حاجة تانية
.........
وقف حازم يرمقه بنظرات فاحصة بعدما أعطاه تلك الأوراق التي أرادها لقد تم رفع قضية الخلع وكل شئ أصبح جاهز
مفضلش غير إمضتها والقضية بسهولة نقدر نكسبها.. علاقة حسن بالرقاصة وتعاطيه للمخډرات غير إنه بقى عاطل عن العمل واللي هيسهل الموضوع أكتر البنت لسا قاصر
طالع الملف الذي يحتوي على جميع الإثباتات يهز رأسه وهو يسمعه
آيات هتمسك القضية ديه يا حازم.. خلينا نشوف قدرتها بتاعت الطبقات والوسايط
أبتسم وهو يتذكر تلك المحامية الجديدة التي أنضمت إليهم مؤخرا.. ورغما عنه تحولت ابتسامته لضحكة مجلجلة صدحت في الأرجاء.. فشاركه سليم الضحك وهم يتذكرونها عندما أتت ضمن العديد من المرشحين وشجارها مع مدير الموارد البشرية
انتهت وصلت الضحك التي اخرجتهم من جمودهم ولكن سرعان ما عادوا لجمودهم
سليم أنت متأكد من اللي بتعمله
رفع عيناه نحوه فتلك النظرة التي يراها في عينين حازم نفس النظرة التي رأها في عينين خديجة وجده
متأكد يا حازم
سليم أنا مقصدش أدخل في قرارك.. بس ديه مرات السواق بتاعك عارف يعني إيه.. يعني سهل جدا حسن يتهمك إن كان بينك وبينها حاجة
انتفض حازم في وقفته ينظر صوبه بعدما ضړب سطح مكتبه بكل قوته
ده أنا أوديه ورا الشمس لو قال حاجة في شرفها
استجمع حازم أنفاسه التي هدرت ينظر نحو الذي تغيرت