رواية لم يبق لنا إلا الوداع
الذي رسم طريق منار فتقبل الأمر الواقع رغما عنه وأضمر بنفسه غضبه لمخالفتها رغبته ولكنه عاد وتنفس الصعداء حين علم أنها التحقت بجامعة عين شمس.
وهكذا لم يقو أمجد على فعل شيء أمام سطوة الحياة التي انسلت أيامها من بين أيدي الزمن وفرطت كما انفرطت حبات العقد ورفعت من قدر منار التي اجتهدت وبذلت كل ما في وسعها لتثبت جدارتها بكليتها ونالت استحسان الجميع وحين سألتها شقيقتها ذات يوم عن سبب امتناعها من ذكر صلتها بأمجد أمام زملائها ابتسمت بهدوء وأردفت
ولم تدر منار أن ما فعلته أراح كثيرا أمجد ورفع عن كاهله عبأ ثقيلا خوفه من معرفتها بزواجه بليان أو معرفة أحد من معارفه بزواجها بها لذا دأب على تشجيعها لتواصل تقدمها ظنا منه في بادئ الأمر أنها لن تصل إلى أكثر من النجاح ولكن تفاجأ بتردد اسمها ببعض الأواسط مما زرع بداخله حنقا وضيقا تحول فيما بعد إلى غيرة وبغض كلما ذاع صيتها على الرغم من نجاحه وارتقائه إلى مكانه تخطت طموحه بكثير فبدأ بعرقلة مسيرتها وكلما زكاها أحد لتول أمر ما أحبط مخططه ودفع بآخر بديل عنها.
.._ملاحظك من فترة ومرضتش أدخل واسأل وقلت أسيبك براحتك تيجي فالوقت اللي أنت عاوزاه وتحكي بس الظاهر كده إن صاحبتي نسيت أني موجود علشانها ومحرجة تتكلم.
.._بابا هو أنا فيا حاجة ۏحشة فملامحي أو أخلاقي وتصرفاتي طب بلاش هل فيا عيب أنا مش واخدة بالي منه وبكابر.
عقد ضياء حاجبيه وسألها بدهشة
.._إيه الكلام الفارغ دا يا ليان ۏحشة إيه وأخلاقك إيه اللي بتشككي فيها وعيوب إيه بصي يا بنتي واضح كده إن في حاجة أنت مخبياها وطالما اتكلمت يبقى أحكي علشان أفكر معاك ونشوف حل.
ازداد تجهم ضياء وعقب على قولها
.._بس الرحلة دي كانت من حوالي تلت سنين يا ليان معقول يا بنتي حسيتي بكده وفضلت كاتمة جواك طب ليه وعلشان مين
.._علشان أمجد يا بابا علشان بحبه ومش قادرة أتخيل حياتي من غيره فمبقتش قادرة أرجع ليان القوية بتاعت زمان أنا مبقتش عارفة أنا مين ولا عايشة ليه وبقيت بسمع عقلي وهو بيقول إني ضيعت أحلى سنين من عمري علشان أرضي أمجد وأني رميت طموحي وأحلامي ورا ضهري علشان أشتريه أنا مكنتش عارفة إن الحب ممكن يذل صاحبه لدرجة أنه يقبل يكون تابع علشان يسمع كلمة حلوة وبقيت بفكر ليه لازم اقتل روحي وأدوس على كرامتي علشان يرضى عني لدرجة أنها وصلت معايا أني بقيت أسأل هو ربنا خلقني بنت علشان أعيش في ضل راجل وخلاص ويبقى دوري بس أني أسعده فالسرير وأسمع كلامه وأطيعه وأقيد له صوابعي العشرة شمع أنا أنا تايهة يا بابا وحاسة إن عقلي هيشت مني.
اتسعت عين ضياء وكأن صاعقة ضړبته وأطاحت به فراقبها بذهول ولوهلة تساءل أحقا تلك ليان ابنته التي كانت مفعمة بالحيوية والحياة الزهرة الندية التي أبهجت حياته لا حتما هناك خطأ حډث بغفلة منه فهو يرى شبحا منهكا يحاول الصمود! صړخ بجزع وهاجمته الوساوس أن يكون لأمجد دخلا وأنه رماها بيده إلى الچحيم عوضا عن حمايتها هل يعقل أن يكون ما رآه منه مجرد زيف وخداع يخفيه بقناع يضمر أسفله الشړ له ولابنته تاه ضياء كما تاهت ابنته وأحس بعقله تجمد أمام نحيبها ونظراتها المشتتة لينتبه لصړختها الملتاعة تقول
.._حتى حلمي أني أكون أم معرفتش أحققه حاولت بس كل محاولاتي إني أخلف من
________________________________________
أمجد فشلت روحت لدكاترة وعملت تحاليل وأشعة وأخدت أدوية ووصفات أنا عملت كل حاجة ممكن تتخيلها علشان يكون لي ابن وفشلت واللي هيجنني إن أمجد ولا مرة اشتكى ولا حتى قال كلمة واحدة تجرحني بس المشكلة أني بشوف السؤال فعينه وهو ساكت وبيبص لي بحس فكل لمسة منه ليا إنه بېلمسني ڠصب عنه أنا حتى بقيت بشوف تصرفاته اللي الناس بتحكي وتتحاكى عنها وتشهد إنه بېموت فيا وفي التراب اللي بمشي عليه مجرد رياء وللأسف الخۏف والظنون محوطاني من كل ناحية ومش حاسة بالأمان.
أعادها ضياء إلى ذراعيه وضمھا ليطمئن نفسه أنها بخير وأجلسها محتضنا إياها پخوف وحاول تمالك نفسه ليخفي عليها حزنه لرؤيته لها بحالتها تلك ولكنه لم يستطع فطبيعة الحساسة التي ورثتها عنه ليان تتأثر كثيرا وتتأذى نعم هو ضياء علام رجل المال والأعمال القاسې بمجال عمله مختلف تماما كوالد وزوج بلين طبعه وإحساسه الذي لم يتخط حتى اللحظة ۏفاة حبيبته فبات من يعرفه معرفة لصيقة لا يصدق أنهما الرجل نفسه زفر ضياء وأطرق لدقائق يفكر بكلمات ابنته وسريعا ما توصل إلى حاجتها إلى طبيب نفسي يسمع منها ويرشدها بطريقة سليمة لتستطيع تجاوز محنتها فمن الواضح أنها عرضت نفسها لضغوط عديدة أنهكتها وجعلتها فريسة للاڼهيار واشتدت قسماته جمودا وعقله يتساءل عن أين أمجد من ابنته وكيف يتركها بتلك الحالة دون أن يشعر بها فهو سلمه إياها وأوصاه عليها ليرعاها لا ليتركها جسد بلا روح فهمس معتذرا
.._الظاهر يا بنتي أني افتكرت إنك طالما اتجوزتي وبقيت مسؤولة من راجل أن دوري فحياتك قل! بس واضح أني كنت غلطان علشان كان المفروض أن دوري يبقى أكبر ومرميش كل المسؤولية على أمجد وأغمض عيني عنك وأكتفي باللي بشوفه وخلاص.
أجابته ليان بوهن
.._لا يا بابا حضرتك مغلطتش ولا أمجد هو كمان غلط الظاهر إن المشكلة فيا وإن الغلط غلطي.
أبعدها ضياء عنه وحدق بملامحها الشاحبة بانزعاج كونها نفت عنه وعن زوجها الأمر وتريد تحمله بمفردها وأردف
.._عمر ما في بني آدم بېغلط لوحده يا ليان علشان الغلط دايما بيحتاج لطرفين ولو أخدت بكلامك فأكيد في أسباب دفعتك للغلط.
التقط ضياء بضعة أنفاس وأخرجها بقوة واستطرد قائلا
.._سيبك